فقد تفاقمت الجائحة أكثر مقارنةً بالعام السابق، حيث سجلت ولاية أمازوناس الشمالية منذ بداية يناير/كانون الثاني زيادةً حادةً في أعداد الحالات أدت إلى ارتفاع مفاجئ في الطلب على الأكسجين. لكن الإمدادات المحلية لم تكن كافية لتغطية كامل الاحتياجات وسرعان ما نفذ الأكسجين من عددٍ كبيرٍ من المراكز الصحية. بالتالي توفّي عشرات المرضى الذين كانت حالاتهم تستدعي دعماً بالأكسجين خنقاً.
هذا وانهار النظام الصحي في عاصمة الولاية ماناوس التي كانت المدينة الوحيدة في الولاية التي تتوفر فيها أسرةٌ في وحدات العناية المركّزة لعلاج الحالات الشديدة، ولهذا بقي أهالي المناطق الريفية بدون مساعدة.
وسرعان ما أثّرت تداعيات المشاكل التي تشهدها العاصمة على المرضى الذين يتلقون العلاج على أيدي فرق أطباء بلا حدود التي تعمل في مناطق أخرى من الولاية. فنظراً لعدم توفّر أية أسرة في ماناوس، لم يعد بالإمكان تحويل بعض مرضانا الذين يعانون من حالات شديدة من مستشفى يقع في منطقة تيفي (وهي منطقة نائية عملت فيها طواقمنا على مدى أشهر عدة أثناء الموجة الثانية من الجائحة) وبالتالي فارقوا الحياة. ورغم نقص الطواقم والتحديات اللوجستية إلا أن طواقمنا بذلت أقصى ما في وسعها لزيادة الإمكانيات المحلية لرعاية الأعداد المتزايدة من المرضى وساعدت في تدبير إمدادات الأكسجين المحدودة للغاية التي كانت تتوفر في المرفق.
وفيما كانت الكارثة التي تجتاح ماناوس تتكشف، أرسلنا فرقاً لتأمين الدعم والتدريب للمرافق التي كانت تنقصها الطواقم والإمدادات وكانت تقدم في الأساس خدمات الرعاية الأساسية لكنها تحولت بين ليلة وضحاها إلى وحدات للعناية المركزة بهدف تغطية الطلب المتصاعد على خدمات الرعاية الطبية الأكثر تعقيداً. وصل كذلك المتخصصون في مجال الصحة النفسية لدعم أفراد الطاقم المنهكين جسدياً ونفسياً في ظل عدد الوفيات الكبير الذي يتعاملون معه يومياً.
هذا وزاد غياب التنسيق من جانب الحكومة الفدرالية الطين بلة، ممّا أثر سلباً على حملة التطعيم التي بدأت بدايةً بطيئة في يناير/كانون الثاني بعد أن شكّك في البداية مسؤولون فدراليون في نجاعة اللقاحات وسلامتها وتعمّدوا تأخير شراء الجرعات. كما روّجت بعض السلطات لأدوية غير فعالة ورفضت إجراءات الوقاية من العدوى ومكافحتها كاستخدام الأقنعة والتباعد الجسدي. وقد كان بعض المرضى الذين نعالجهم متوهمين بأن تلك الأدوية ’تحميهم‘ حيث عرضوا أنفسهم للتلوث، مما فاقم من انتشار المرض.
ونتيجة لذلك، وصلت أعداد وفيات كوفيد-19 في نهاية عام 2021 إلى مستوى مهول بلغ 620,000 وفاة كان بالإمكان تجنب الكثير منها، علماً أن البرازيل تعتبر واحدةً من بلدانٍ قليلة في العالم تمتلك نظاماً صحياً عاماً يشمل الجميع ونجح في التعامل جيداً مع أزمات صحية سابقة.
وقد سعينا للرد على المعلومات المضللة طيلة تلك السنة الصعبة، حيث تواصلت فرق التوعية الصحية مباشرةً مع المرضى كما لجأنا إلى قنواتنا على وسائل التواصل الاجتماعي كي نتصدى لانتشار "الأخبار الكاذبة" بين عامة الناس.
وقد وضعنا أنشطة التوعية الصحية على رأس أولوياتنا وعدّلنا أسلوب تواصلنا بما يناسب المجتمعات الضعيفة. فقد كنا نوظف طواقم من أبناء المجتمعات التي نعمل معها كلما تسنى لنا ذلك، كما كنا نبعث عند الضرورة رسائل معدة بلغات السكان الأصليين.
استجابت المنظمة أيضاً لتزايد الطلب على الرعاية الطبية في المناطق التي كانت أنظمتها الصحية هشة، حيث توسعت أنشطتنا في مناطق على غرار ولايتي روندونيا وبارا في شمال البرازيل وفي أجزاء من المناطق الشمالية الشرقية مثل مدن وبلدان ولاية سيارا والتجمعات السكنية النائية في بارايبا وباهيا. وكان هدفنا يتلخص في تشخيص المرض في مراحل مبكرة كي نقلل من احتمالات تفاقم المرض ووصوله إلى مرحلة تستدعي وضع المريض على سرير في وحدات العناية المركزة وهو ما لم يكن ليتوفر على الأغلب.
كما ركزت العديد من مشاريعنا على تدريب العاملين في مجال الرعاية الصحية وإطلاعهم على خبراتنا التي اكتسبناها في جائحات سابقة ولا سيما على صعيد الوقاية من العدوى ومكافحتها. وكنا نهدف إلى جعل الفرق المحلية أكثر استعداداً لمواصلة تقديم المساعدات لمجتمعاتها بعد مغادرتنا.
يشار إلى أن فرقنا كانت قد عملت في ثماني ولايات بحلول نهاية العام، علماً أن نطاق استجابتنا لمكافحة كوفيد-19 من حيث الموارد الإنسانية والمادية كان قد بلغ مستوى لم يسبق له مثيل على مر ثلاثين عاماً من وجود أطباء بلا حدود في البرازيل.
دعم المهاجرين والمجتمعات المستضعفة
أدت حملة التطعيم بحلول نهاية عام 2021 إلى انخفاض أعداد الإصابات والوفيات جراء كوفيد-19 ورفعت البرازيل عدداً من القيود التي كانت قد فرضتها على التنقل والحركة على حدودها. وصار أخيراً بإمكان من كان يتطلع إلى ظروف معيشية أفضل في البرازيل عبور الحدود إلى ولاية رورايما الشمالية التي تتواجد فرقنا فيها منذ نهاية عام 2018 لدعم النظام الصحي المحلي في استجابته لاحتياجات المهاجرين الفنزويليين.
وفي ظل تزايد أعداد المهاجرين في مدينة باكارايما الحدودية، قمنا بتوسيع خدماتنا هناك حيث ركزت فرقنا على مساعدة المشردين معتمدةً على العيادات المتنقلة وأنشطة التوعية الصحية بين تجمعات المهاجرين. كما حافظنا على الدعم الذي نقدمه في عاصمة الولاية بوا فيستا، حيث عملت فرقنا في مرافق الرعاية الصحية الأساسية وفي الملاجئ الرسمية وغير الرسمية، وهناك قدمت الخدمات الطبية والنفسية وفحصت من كان يشتبه في إصابته بكوفيد-19. كذلك أمّنت الفرق المتنقلة خدمات الرعاية الصحية الأساسية في العديد من البلديات التابعة للولاية. وبحلول نهاية عام 2021 وسّعنا هذه الأنشطة لتشمل مجتمعات السكان الأصليين في منطقة باكارايما.